معلمو هدى في مخيم البيرين العشوائي

معلمو هدى في مخيم البيرين العشوائي

 

يشهد الشمال السوري بسبب الحرب الدائرة منذ عشر سنوات وما نتج عنها من نزوح المئات من التجمعات السكنية من مخيمات عشوائية ومراكز إيواء جماعية، ونتيجة اكتظاظ الأراضي بالمخيمات فهناك العديد منها لم يوضع بمكان ملائم ليكون سكناً، فمنها ما بني في الأراضي الزراعية أو المخصصة للإنشاءات الصناعية والمعامل. وتنوعت هذه المخيمات حسب كل حركة نزوح، فمخيمنا اليوم يضم نازحين من ريف إدلب وحلب إلى منطقة عفرين ولقلة أماكن السكن في هذه المدينة المكتظة، اضطر النازحون للسكن في معمل من معامل البيرين (مواد تدفئة من بقايا عصر الزيتون) وذلك ليقوا أنفسهم وأهلهم من العراء.

ويرافق السكن في الأماكن غير المخصصة انعدام المرافق الصحية والتعليمية والخدمية عموماً ولذلك يتفشى المرض والجهل في الأجيال الجديدة، وهذه من أكبر الجرائم أن يحرم الإنسان من حق التعلم وخاصة الأطفال وهذا أشد على البشرية من المرض الجسدي الذي يبرأ ولا يمتد أثره للمجتمع كله.

 من هذه الظروف الصعبة كان لزاما على من حمل على عاتقه رفع ظلام الأمية بنور العلم أن يسعى بكل ما اتيح له من سبل ليتم رسالته، فبادرت منظمة الدعم الإنساني التنموي – هدى مع كادرها ساعيةً في كل درب بحثا عن مواقع الأمية لمحيها لإنقاذ جيل من براثن الجهل، ولتعيد رسم أحلام الطفولة لبناء مستقبل أفضل.

 فكان من تلكم المواقع مخيم البيرين الذي يقطنه نازحون من ريف إدلب وحلب بما يقارب السبعين عائلة في ظل ظروف صعبة وبأدنى مقومات للحياة فكانت الحكاية أن هدى الخيرية سيكون لها بصمة في تغيير الواقع من خلال مشروع محو الأمية.

 

ورغم التحديات الكبيرة التي واجهت الفريق إلا أنها لم تثني العزائم بل لم تزدها الا إصراراً، فعمل فريق هدى على إجراء اختبارات الطلاب وتقيم احتياجاتهم التعليمية و تقديم المساعدات بما يحقق عملية التعليم من الألواح و القرطاسية والكتب الخاصة وتنظم الدوام للطلاب بما يتلاءم مع ظروفهم، فبدأت عملية التعليم مع الأطفال مرحلة تلو الأخرة والطلاب في تفاعل مع العلم بسبب ادراكهم لأهمية هذا العلم والعمل على تحصيله

لم تكن الصعوبات مجرد تحديد موقع الأمية لمحوها، وإنما تنوعت من إقناع الأطفال وذويهم بأهمية التعليم وفائدته لمستقبل الطفل والمجتمع على حد سواء، ولم تنته هذه التحديات مع قلة الكادر التعليمي الذي استوجب أن يقطع المعلم عشرات الكيلومترات والتي تزداد صعوبتها في أيام الشتاء والبرد القارص لكن ذلك كان هيناً من أجل الوصول إلى ذلك المخيم لإنارته بنور العلم.

 

ورغم تواضع الصفوف التعليمية وبدائيتها لكنها كانت منارة ومنزلاً بالنسبة للأطفال الذين وجدوا المتعة والعلم معاً برفقة معلمي هدى الخيرية فتحدوا البرد والظروف الصعبة ليكملوا طريقهم في محو الأمية.

وينتقل الطلاب من مرحلة إلى آخر وهم يرون من أنفسهم بأنهم وصلوا إلى ما كانوا يتمنونه من إتقان القراءة والكتابة فأصبحوا والحمد لله على مستوى مقبول وهم يطمحون إلى المزيد من خلال الانتقال الى المدارس الرسمية لإكمال طريقهم نحو مستقبل أفضل.

وما يزال الأهالي يشجعون أطفالهم ويحثونهم على إكمال الطريق لما رأوا من فرحة الأطفال ونتائج محو الأمية فأصبحوا يقرأون القرآن والوصفات الدوائية وغيرها، وبدأوا يرسمون طموحاتهم فمنهم من يريد أن يصبح مهندساً ليعيد تخطيط المدن التي دُمرت، ومنهم من تريد أن تصبح معلمة لتساعد الأطفال على بناء مستقبلهم، وهكذا ….


الحملات الأخيرة

استعراض

اترك تعليقاً