تجربة معلم في صفوف الهدى

التعليم أساس نهضة الأمم وتطورها ونموها، أينما بحثت في مسير الأمم فالعلم أساس لا مفر منه، لذلك كانت هذه المهنة المحببة لقلبي مذ بدأت المسير في الحياة، فكيف لا وأنت تلمس أثر النجاح ماثلاً أمام عينيك خطوة بخطوة ويوماً بيوم، وفوق ذلك كله هناك الهدف والغاية الأسمى بتحقيق ما يرضى الله عز وجل.

لكن كان لهذه التجربة طعم آخر مختلف وجوانب إثارة ما كنت لأعايشها لولا التحاقي بصفوف الهدى الخيرية كمعلم محو أمية، فأنا هنا أقطع المسافات للوصول الى صفي التعليمي الذي هو عبارة عن خيمة يفترش أرضها أطفال لم يسبق لهم الدخول للمدرسة ربما يعرفونها اسماً فقط ولم يسبق لهم زيارتها او حتى تخيلها، وصلوا قبلي الى الخيمة التعليمية ورتبوها واخذوا مواضعهم شوقاً للعلم والتعلم، فكيف استطيع ان اصف لكم هذا الشعور؟!

النجاح هنا له وجهان أحدهما أنك تبذل المجهود ضمن المستطاع رغم محدودية الموارد، وعلى صعيد استخدام المهارات للتعامل مع فئة من الأطفال ليست كما عهدنا، فلم يسبق لهم تجربة المدرسة وأعمارهم متفاوتة ويعاني العديد منهم من آثار نفسية واضحة، وهنا الوجه الآخر للنجاح أن تكتشف ما حباك الله من مهارات وإمكانات لم تكن تعرفها لولا عملك بالتعليم في برنامج محو الأمية.

ومما ما لا تتوقعه هو أن تكتسب هنا خبرة جديدة وأنت من أنت في مسيرة التعليم لا يشق لك غبار في التجاب، لكن هنا مسار جديد وتجربة غنية زادني فيها خبرة وصقل المهارة المحاضرات والتوجيهات من الكادر المشرف على برنامج هدى لمحو الأمية.

لمست النجاح من خلال طفل لا يعرف رسم حرف الألف ومسكة القلم، فأصبح يكتب ويقرأ القرآن بطلاقة.

لمست النجاح من دعوة أم لطفل قرأ بعض الكلمات وأرسلها لي على برنامج ( الواتس أب ) وفرحة أب شكرني بالنيابة عن ولده أصبح يقرأ ويكتب ،لمستها من رسالة واتس بعد تصوير مقطع لطفل يقرأ حديثا نبويا وإرساله لأهله،

النجاح بإنقاذ طفل حُرم من التعليم حبيسُ جهل مظلم فُتحت له نافذة نور مشع.

عشت الجنة في نظرة طفل برقت عيناه فرحا عندما قرأ سطرا وكتب جملة وحفظ آية،

عشت لحظات طرب عندما يدندن الأطفال قصيدة أحب رسول الله إجابة النداء أمي ليتنا من علمنا.

شعرت بالحمل الثقيل ،والتقصير في حق أبنائنا ،وديننا ،ومجتمعنا إذا ما بقينا في الجهل العميق والظلام الدامس ولم نفعل شيئا.

قصة النجاح : هي أن نثابر على ما بدأنا بإخلاص وصبر وتجديد،

قصص النجاح كثيرة جدا وأول قصصها الاستمرار والاستمرار ما حيينا.

الشكر كل الشكر لمن حمل هم الأمة ولم يكل ولم يمل في دعم العمل التعليمي والقيمي لهذا الجيل المحروم من أبسط حقوقه .

وفي الختام نسأل الله الكريم أن يمن علينا بالسداد والقبول ويمدنا بغيث يثمر به الزرع وينمو ليأتي أكله بإذن الله ،وهو ولي الأمر والقادر عليه ،وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.