طالبة فاقدة للبصر … تتعلم بالتخيل

اعتادت صفوف هدى الخيرية على استقبال الأطفال في كل دورة جديدة، يخوض خلالها الطلبة تجربة التعلم والمتابعة والإصرار، يمرون خلالها بعوائق مختلفة يتجاوزونها بإصرارهم وبمساندة معلميهم ممن يحرصون على توفير التعليم كحق أساسي من حقوق الطفل، ويقدمون له الدعم النفسي بشكل مباشر وجماعي ليعينوه على تجاوز الصعاب.

فكان هناك الأطفال المصابون بأذية جسدية أدت إلى حدوث تشوه او إعاقة بالقدم او اليد وبعضهم كان عمره مختلفاً عن أقرانه في الصف، لكن هذه المرة كانت الحالة الغريبة طفلة فاقدة للبصر تصر على التعلم، فمن هي وماذا تريد؟

تسير في ظلام دائم، ولو توسطت الشمس في كبد السماء وأشعت بأقصى قدر فإن طفلتنا لاترى النور بتلك العينين الضعيفتين، لكنها ومنذ شهرين ونيف أبصرت نور الهدى بقلبها الجميل.

 سلوى الطفلة التي فقدت بصرها لم يقعدها ذلك عن الالتحاق بصفوف محو الامية في البرنامج الخامس فكانت أول الواصلين  إلى صفوف الهدى رفقة صديقتها مريم التي أخذت على عاتقها إيصالها إلى الصف في كل يوم ومن ثم إعادتها إلى المنزل، سلوى كغيرها من الطيور السورية التي تحلم أن تكبر وتطير نحو هدفها، ولكن أسمى أحلامها اليوم أضحى أن ترى حروف اسمها على السبورة فهي تسمعها في كل يوم من مدرسها الأستاذ يوسف الذي لا يبخل عليها من العطاء شيئاً والذي يساعدها على تخيل كيفية كتابة الاسم نتيجة ضعف الخبرات حالية باستخدام لغة بريل.

يقول الأستاذ يوسف  عبد اللطيف أن إمكانية إعادة النظر لسلوى موجودة فلديها تحاليل طبية تثبت ذلك لكن إجراء عملية لعينيها مكلفة نوعاً ما وأهلها فقراء لا يستطيعون دفع المبلغ المرصود لعمليتها , وأكد أ. عبد اللطيف أن سلوى من الطلاب المتميزين في الفصل وهي أكثر من يبكيه بحرقة عندما تسأله كيف هو شكل حرف السين  أول حرف من اسمها ولكنه لا يستطيع أن يجاوبها , تعيش سلوى في قرية الراوية شرق مدينة رأس العين بحوالي 30 كيلو متراً وهي قرية بسيطة يعمل أهلها في تربية المواشي والزراعة وتعاني المنطقة بشكل عام من الأمية نتيجة الفقر الشديد وعدم اهتمام كثير من الأهالي بالتعليم نتيجة التكاليف العالية بالنسبة لهم او بعد المدارس عن منازلهم، وقد استطاعت إدارة منظمة الهدى الوصول إلى تلك القرية وافتتاح فصول برنامج محو الأمية الخامس في الشهر العاشر 2022 وقدمت خلالها القرطاسية ووفرت المعلمين لمتابعة الأطفال.

ماتزال هدى الخيرية تسعى بكل جهد على تسهيل الوصول الى التعليم كحق أساسي من حقوق الطفل الذي نصت عليه القوانين الدولية، وكذلك على تحقيق الرفاه النفسي للأطفال في شمال غرب سوريا الذي حرمتهم الحرب من طفولتهم.