بين آلاف الطلاب الذين التحقوا بصفوف هدى التعليمية في دورتها الخامسة لا بد أن تجد كل ما يخطر ببالك من حالات المعاناة بمختلف درجاتها، ذلك في بلاد أنهكتها حرب طاحنة لسنين طوال، ورغم استقرار الأوضاع نسبياً على حالها في المخيمات ومدن الشمال السوري إلا أننا نحصد ثمار الحرب المريرة على صحة أطفالنا.
لم تكتمل فرحة ذوي الطفل محمد برؤيته يكبر حتى اغتالت طائرات الغدر جزء من هذه الفرحة بقصف منزلهم وعمره لم يتجاوز الثلاث سنوات، مما تسبب له بمشاكل أخفت الابتسامة عن محيا والديه، فالطفل لا يكبر كبقية الأطفال بنموه الجسدي متأخر وكذلك حالته السلوكية لا تتلائم مع طفل بعمر الورد يحتاج ان يلعب ويلهو ويتعلم كل جديد، هذا وقد امتنع الطفل أيضاً من الالتحاق بالمدرسة رغم الترغيب الكبير من قبل الأهل.
وصلت قافلة الهدى التعليمية هذه المرة الى منطقة سكن الطفل محمد، والتقى فريق هدى بالطفل ووالديه اللذان حدثانا عن ان محمد ينسى بشكل سريع ولا يستطيع حفظ الدروس او ما يعلمونه إياه، حتى انهم لا يعتمدوه عليه بأي امر نتيجة حالة النسيان، وهذا ما أكدته جدته.
دار الحديث بين الفريق ومحمد نفسه وتم إقناعه بالالتحاق بصفوف هدى، وحين أعطى الموافقة بابتسامة لطيفة ارتسمت على شفتيه مع ايماءة بالرأس، صرخ جده مهللاً ومكبراً فرحاً بهذا القرار التاريخي.
على غير توقعات أهله التحق محمد بالصف واستمر بالحضور دون ضجر ولا تذمر ولا أي انقطاع، مندمجاً مع أصدقائه الجدد ومع صديقه معلم الصف الذي أولى اهتماماً خاصاً بمحمد مستخدماً خبرته ومهاراته وما اكتسبه من تقنيات التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة خلال التدريب الذي خضع له في دبلوم تأهيل معلمي محو الأمية.
يتقدم أداء محمد بخط جميل مميز عن بقية اقرانه، رغم ضعف في الجانب التحصيلي، رغم ذلك استطاع القراءة والكتابة
وفي ختام الدورة التعليمية أصبح محمد قادراً على الكتابة والقراءة بخط جميل يتيمز عن بقية أقرانه، إلا انه بقي لديه تدني في المستوى التعليمي عن متوسط أصدقائه، مما استوجب على فريق هدى التعليمي توجيه النصح والإرشاد لذويه لإحالته الى المختصين لتشخيصه وإتمام علاجه.
مع بدء الدورة الجديدة عاد جد محمد يطلب منا الحاقه بالصف التعليمي لرفضه الذهاب للمدرسة، فقد وجد في صفوف الهدى العلم والترفيه الهادف والقدوة الحسنة.